يعتبر استقلال القضاء هدفا ساميا لتحقيق العدالة، ولقد كرس دستور 2011 مبدأ استقلال السلطة القضائية ،بالاضافة الى تعديلات همت المجلس الأعلى للقضاء حيت أصبح يعرف باسم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، كما تم منح القاضي ضمانات أثناء مزاولته لمهامه وأيضا نص دستور 2011 على ضرورة الزام القاضي بالحياد والتجرد تحت طائلة المسائلة الجنائية والتأديبية. وبالرجوع الى الدساتير السابقة نجدها تنص على استقلال القضاء:جاء في دستور 1962 الفصل 82 "القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية".وجاء في دستور 1970 الفصل 75"القضاء مستقل عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية"،ونفس الشيء في الدساتير الأخرى ولكن ما يميز دستور 2011 عن الدساتير السابقة له أنه اعتبر القضاء كسلطة مستقلة عن باقي السلط وأشار الى ذلك في الفصل 107 حيث جاء فيه " السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية " ،وتجدر الاشارة الى أن هذا الاستقلال لا يعني الفصل التام بين السلط ولكن كمساندة وتآزر فيما بينها في اطار الاحتفاظ على اختصاص كل سلطة من أجل تحقيق المصلحة العامة.
2- مبدأ حق التقاضي:
لقد أشار دستور 2011 بشكل صريح الى مبدأ حق التقاضي في الفصل 118 حيث جاء فيه ما يلي "حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون........"، من خلال هذا الفصل يتبين أن حق التقاضي هو حق دستوري مكفول للجميع واللجوء الى القضاء من أجل الدفاع عن الحق الذي يحميه القانون أمر مشروع ، فأي شخص له الحق في المطالبة باسترداد ما ضاع منه وله الحق في المطالبة بالتعويض عن فقدان أي شيء ان لم يسترجعه كما له الحق في المطالبة برد الاعتداء عليه ولو بشكل مؤقت.
3- مبدأ التقاضي على درجتين:
يعتبر هذا المبدأ من الضمانات الأساسية والضرورية لحسن سير القضاء وتحقيق العدالة ،فالقضاء عمل بشري وبالتالي فالأحكام القضائية قد تكون عنوانا للحقيقة وقد تجانب الصواب ولذلك من حق أي متضرر الطعن في الأحكام الصادرة عن القضاء أمام محكمة أعلى درجة، وتجدر الاشارة الى أن طرق الطعن العادي تشمل التعرض والاستئناف وطبعا من أجل نشر الدعوى من جديد ومنح الفرصة للمتضررين لتقديم الحجج ومناقشتها أما الطعن بالنقض فهو أساسا لفائدة القانون حيث تقوم محكمة النقض ببسط رقابتها على احترام القانون من عدمه ،أما محكمة الاستئناف فهي تنشر النزاع من جديد. فعندما تقوم محكمة درجة أولى باصدار حكم حاسم في موضوع الدعوى فلا يحق لها الرجوع عنه او تعديله ويصبح حقا للأطراف وهذا ما تعبر عنه قاعدة " متى أصدر القاضي حكمه فقد استنفذ قضاءه " ويكون للمحكوم عليه الحق في الطعن في هذا الحكم أمام محكمة أعلى درجة تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين ، وبالتالي يمكن لمن يعنيه الأمر أن يطعن في الحكم الذي صدر ضده أمام محكمة أعلى درجة تسمى بمحكمة الاستئناف بينما تسمى المحكمة الأولى بالمحكمة الابتدائية.
4- مبدأ القضاء الجماعي والقضاء الفردي:
يقوم نظام القضاء الفردي على تشكيل المحكمة من قاض واحد يقوم بالنظر في النزاعات المعروضة عليه بمفرده والفصل فيها،أما نظام القضاء الجماعي فيقوم على تشكيل المحكمة من عدة قضاة يقومون بالنظر في الدعاوى المعروضة عليهم ويصدرون أحكاما بشكل جماعي أو بأغلبية أرائهم، أما فيما يخص موقف المشرع المغربي فقد كان يأخذ تارة بنظام القضاء الفردي وتارة أخرى يأخد بنظام تعدد القضاة ، فقبل صدور ظهير 1913 كان نظام القاضي المنفرد هو السائد بالمملكة المغربية ثم أخذ المشرع بنظام تعدد القضاة بعد صدور ظهير 1913 الى حين صدور قانون المسطرة المدنية سنة 1974 يوم 28 شتنبر حيث تخلى المغرب عن نظام القضاء الجماعي وأخذ بمبدأ القضاء الفردي مبررا ذلك بقوله أنه يسرع في البت في القضايا ويبسط المساطر،ولكن وجهت عدة انتقادات للمشرع المغربي جعلته يعود الى نظام القضاء الجماعي مع الاشارة الى بعض الاستثناءات وذلك في الفصل الأول من ظهير 1913، غير أنه عند صدور القانون رقم 03-15 جعل التنظيم القضائي بالمغرب يعود الى مبدا القضاء الفردي في جميع القضايا باستثناء دعاوى الميراث والأحوال الشخصية والدعاوى العقارية العينية والمختلطة والقضايا الجنحية التي يعاقب عليها القانون بأكثر من سنتين.ولقد أشار المشرع المغربي في الفصل 4 من التنظيم القضائي الى أنه اذا تبين للقاضي المنفرد أن أحد الطلبات الأصلية أو المقابلة أو المقاصة يرجع الاختصاص فيها الى القضاء الجماعي، أو له ارتباط بدعوى جارية أمام القضاء الجماعي رفع يده عن القضية برمتها بأمر ولائي، ويتولى رئيس المحكمة الابتدائية احالة القضية على القضاء الجماعي.
5- مبدأ وحدة القضاء:
يقصد بمبدأ وحدة القضاء أن أفراد المجتمع كلهم سواسية أمام القضاء وتتجسد هذه المساواة في كون الخدمات التي يقدمها القضاء يستفيد منها الجميع دون تمييز، ويخضع المتقاضون لنفس النظام القضائي، ولقد عرف المغرب مبدأ وحدة القضاء غداة الاستقلال بمقثضى ظهير التوحيد والمغربة والتعريب وتخلص مما خلفه الاحتلال من تعدد المحاكم، ولقد قام المشرع المغربي باحداث المحاكم التجارية تختص بالبت في القضايا المتعلقة بالتجارة والمال والأعمال، بالاضافة الى احداث أقسام قضاء الأسرة وقد يظن البعض أن تعدد المحاكم ومنح اختصاصات معينة لكل محكمة ,وتعدد الجهات القضائية فيه نوع من التمييز والازدواجية في التنظيم القضائي المغربي، ولكن وحدة القضاء هو مبدأ أساسي يجسده وجود مؤسسة قضائية تتربع على رأس الهرم القضائي وهي محكمة النقض التي حلت محل المجلس الأعلى.
6- مبدأ علنية الجلسات وشفوية المرافعات:
مبدا علنية الجلسات يقصد به أن يتم النظر في الدعاوى والمرافعة فيها أمام الجميع في جلسات علنية يسمح فيها للجمهور بمشاهدتها، كما يجور اعلام الرأي العام بما حدث فيها وذلك عن طريق النشر في الصحف ووسائل الاعلام الأخرى، وما يميز هذا المبدأ أنه يبعث في نفوس الناس الحاضرين الطمأنينة الى عدالة القضاء ويلزم القضاة بالاهتمام بأعمالهم والعناية بها، ولقد نص المشرع على هذا المبدأ في الفصل 43 من قانون المسطرة المدنية حيث جاء فيه" تكون الجلسات علنية الا اذا قرر القانون خلاف ذلك.... " ، كما نص الدستور على هذا المبدأ في الفصل 123 حيث جاء فيه" تكون الجلسات علنية ماعدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك".ان مبدا علنية الجلسات لا يحقق غايته الا اذا اقترن بمبدأ آخر وهو شفوية المرافعات حيث يتم تبادل المرافعات مما يجعل المسطرة تسير بشكل سليم وتبتعد عن التعسف وسوء النية ، فالمرافعة المكشوفة تجعل المترافعين يتحاشون الكذب والزيف والتضليل،فمن خلا مبدأ شفوية المرافعات يستطيع القاضي أن يستمع الى الخصوم مباشرة ولشهودهم، غير أنه يمكن تقديم ملتمسات كتابية نظرا لضيق وقت القاضي وكثرة القضايا في الجلسة الواحدة، وقد عرف نظام شفوية المرافعات تراجعا ملحوظا وذلك بعد صدور الظهير الشريف رقم 206-93-1 بحيث أصبح العمل بالمسطرة الكتابية كمبدأ عام، ولقد نص الفصل 45 من قانون المسطرة المدنية على أنه تطبق أمام المحاكم الابتدائية وغرف الاستئنافات قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام محاكم الاستئناف طبقا لأحكام الفصول 329 و331 و 332 و 334 و 335 و 336 و 342 و 344 الآتية بعده، غير أنه تكون المسطرة شفوية في القضايا التالية:-القضايا التي تختص فيها المحاكم الابتدائية ابتدائيا وانتهائيا وقضايا النفقة والطلاق والتطليق والقضايا الاجتماعية وقضايا استفاء ومراجعة الوجيبة الكرائية وأيضا قضايا الحالة المدنية.
7- مبدأ مجانية القضاء:
يقصد بمجانية القضاء عدم اثقال كاهل المتقاضين مما قد يتسبب في عدم لجوئهم الى القضاء للمطالبة بحقوقهم، وهذا لا يعني عدم أداء بعض الرسوم القضائية التي تكون بمناسبة تقييد دعوى أو القيام ببعض الاجراءات القضائية لأن هذا النوع من الرسوم محدد ويسري على جميع المحاكم بالمغرب ويؤدى للخزينة العامة، غير أنه توجد بعض القضايا كقضايا الشغل وقضايا النفقة تتمتع بالمساعدة القضائية بقوة القانون، وتجدر الاشارة أيضا الى أنه من أثبت عجزه عن أداء الرسوم القضائية فانه يستفيد من المساعدة القضائية ويستفيد أيضا من محام في اطار هذه الأخيرة.