أولا:تعريف العقار:
يقصد بالعَقَار لغة الأرض والضياع والنخل، وفي لسان العرب لابن منظور،العَقارُ: الـمنزل والضَّيْعةُ .أما في الاصطلاح ففقهاء المالكية اعتبروا العقار،هو كل شيء لا يمكن نقله أبدا، أو لا يمكن نقله إلا بتغيير هيأته. وهذا يعني أن كلمة عقار كما تطلق على الأرض، تطلق كذلك على الأشجار، والبنايات وما يتصل بها مما لا يمكن نقله إلا بتغيير هيأته. ويفهم من التعريف أن كل ما من شأنه أن يستقر ولا يتم نقله أبدا، أو لا ينقل إلا إذا حدث تغيير في هيأته ولحقه تلف يعتبر عقارا بطبيعته.
ثانيا:تعريف العقار في القانون المغربي:
لم يتناول ظهير 19 رجب 1333 الموافق للثاني من يونيو 1915 بمثابة قانون مطبق على العقارات المحفظة مفهوم العقار، وإنما اكتفى في الفصل الخامس منه بتعداد أنواع العقارات، حيث ذكر أن العقارات إما عقارات بطبيعتها ،أو عقارات بالتخصيص ، أو عقارات بحسب ما تنسحب عليه .
1ـ العقارات بطبيعتها:
لقد ذكر الفصل السادس من ظهير 2 يونيو 1915 أهم أنواع العقارات بطبيعتها، معتبرا من هذا القبيل،الأراضي والأبنية والمنشآت المتممة للبناء وكذلك النباتات.وجاء في المادة السادسة ما يلي إن الأراضي والبنايات عقارات بطبيعتها. وكذلك الشأن بالنسبة للآلات والمنشآت المثبتة والمرساة ببناء أو أعمدة والمدمجة في بناية أو في الأرض.وتعتبر أيضا عقارات بطبيعتها المحصولات الفلاحية الثابتة بجذورها وثمار الأشجار التي لم تجنى والغابات التي لم تقلع أشجارها. ويظهر أن العقارات بطبيعتها في نظر القانون أوسَعُ نطاقا مما كانت عليه في نظر الشريعة الإسلامية ،إذ حصرت الصفة العقارية بالأرض وحدها، وتنفي هذه الصفة عن الأبنية وكذلك الأشجار وتعتبرها منفردة عن الأرض أشياء منقولة. أما فيما يخص النظرية الحديثة، فتشمل أيضا ما فوق الأراضي من نباتات وأبنية وما تحتها من مناجم ومقالع. وهكذا، فإن العقارات بطبيعتها تشمل ما يلي:
أـ الأراضي :سواء كانت معدة للبناء أو الفلاحة أو للإسعمال المنجمي،أو لقلع الأحجار أو أخذ الرمل.
ب- الأبنيــة : مادامت متصلة بالأرض، فهي تعد من العقارات بالنظر لذاتها.ويقصد بالأبنية كل ما جمع من مواد البناء فشد بعضه إلى بعض بصورة ثابتة، سواء كان ذلك على ظهر الأرض أو في باطنها. ويشترط في الأبنية أن تكون متصلة بالأرض اتصالا قارا.وهذا ما يفهم من الفصل السادس، من ظهير 2 يونيو 1915. وعلى هذا فإن المنشآت المقامة على الأرض بدون أساس ولا دعامات أرضية ثابتة، كالمنشآت الخفيفة من خيام وأكواخ التي تشيد في البراري والمساحات العامة، لا تعتبر عقارات، وإنما هي عبارة عن منقولات، لأنها لا يصدق عليها اسم البناء، ولا ينطبق عليها تعريف العقار .
ج- المقالع والمناجـم :تعتبر المقالع والمناجم من العقارات بالنظر إلى ذاتها.والمناجم تشكل ملكية مستقلة عن الأرض الموجودة في باطنها،وتعتبر من أملاك الدولة الخاصة في المغرب،أما المقالع فتعتبر غير منفصلة عن الأرض الموجودة في باطنها وتعود لصاحب الأرض.
د- النبـاتـات: هي أيضا من العقارات بالنظر إلى ذاتها ما دامت متأصلة في الأرض، ويتناول لفظ النباتات جميع الأعشاب والشجيرات والأشجار مهما كانت قيمتها، فالعشبة الصغيرة تؤلف عقارا كالشجرة الكبيرة.
2ـ العقارات بالتخصيص:
يعرف العقار بالتخصيص بأنه الأشياء التي جعلها المالك بأرضه لمصلحة هذه الأرض واستغلالها.وكذلك الشأن فيما يخص جميع الأشياء المنقولة الملحقة بالملك بصفة دائمة. أما الفقه المالكي، فلم يطبق نظرية العقارات بالتخصيص بمفهومها القانوني، وإنما قام بتطبيق فكرة التبعية. فالفقه الإسلامي عنى بتحديد المنقولات التي لابد من اعتبارها من ملحقات العقار فتتبعه عند انتقال ملكيته بالبيع. ونص فقهاء المالكية على أن العقار كالدار يتبعه عند بيعه كل شيء ثابت فيه عند العقد، أو كل ما هو متوقف عليه مثل الأبواب والرفوف والسلاليم والميازيب المتصلة بالعقار، وأما المنقولات الموضوعة في العقار والغير المتصلة به كالحيوانات، وأدوات الفلاحة أو الصناعة أو التجارة فلا تتبع العقار عندما يتم بيعه إلا إذا اتفق المتعاقدان على ذلك .واستثنى الفقهاء بعض المنقولات واعتبروها تابعة للعقار إذا توفر شرطين أساسيين :
-الشرط الأول : يجب أن يكون مالك المنقولات هو مالك العقار المرصدة له.
-الشرط الثاني : يجب أن يكون المنقول قد رصد لاستغلال العقار ومنفعته.
ومن بين هذه المنقولات، مفاتيح الدار ،وثائق الملكية المتعلقة بالعقار ،السلاليم اللازمة للبناء ولو كانت منفصلة ،الرحى الفوقانية، وأيضا الحيوانات المرصدة لخدمة العقار. وينبني على هذا أن العقارات المنقولات التي ترصد على العقارات الزراعية هي عبارة عن عقارات بالتخصيص وهي الأنواع التالية:
أ-في المجال الزراعي :
- الآلات الفلاحية والأدوات كالمحاريث ،الجرارات ،آلآت الحصاد والدرس،المعاصر ،الماشية التي تستخدم في زراعة الأرض كالخيل و البغال والبقر وكذلك الحمير التي تستعمل في الحرث والجر.
-الحيوانات غير المنزلية التي تعيش طليقة بفطرتها، كخلايا النحل.
ب-في المجال الصناعي :
-الآلات والأجهزة الصناعية التي تجهز بها المعامل والأدوات التي تفيد في استغلال المعمل مثل الأدوات اليدوية،الرافعات،الجرارات ،العربات،سيارات النقل،وحيواناته،المخصصة لنقل المواد الخام.
-المواد التي تستخدم في المعامل كالمواد الخام مثل الوقود ،الفحم ،الشحم ،الزيت ،المواد الكيميائية والمواد الخام .
ج-في المجال التجاري أو المدني:
ما يرصد على خدمة المحلات التجارية أو يلحق بها وبصفة دائمة مثل الواجهات والخزائن والطاولات والمقاعد والرفوف المتحركة والآلآت الحاسبة والعربات اليدوية التي يجمع فيها الزبناء السلع المختارة،وكذلك السيارات التي تنقل السلع أو المستخدمين.
- الأواني المستخدمة في المطاعم وأثاث الفنادق والبيوت المفروشة المخصصة للإيجار.
-أدوات المسارح من ستائر وآلات وطاولات ومقاعد.
ويترتب على إضفاء صفة العقار بالتخصيص على المنقول أثران قانونيان:
-الأول هو: اكتساب المنقول الصفة العقارية، وبهذا فإن المنقول الذي يرصده صاحبه على استغلال عقار بطبيعته أو يربطه بهذا العقار بصفة دائمة، يفقد صفته كمنقول ويكسب الصفة العقارية.وبالتالي فإن الحجز على العقار بالتخصيص لا يتم بطرق الحجز المنقول بصورة مستقلة عن العقار المرصد على خدمته أو استغلاله،بمعنى أن القانون يمنع حجز العقار بالتخصيص دون العقار بطبيعته، وإنما يتم حجز العقارين معا، العقار بطبيعته وكذلك العقار بالتخصيص، بطريق الحجز العقاري. ويحق للمالك أن يقبل بحجز العقار بالتخصيص كمنقول وبيعه بصورة منفصلة عن العقار المرتبط به.
-الثاني هو: اكتساب المنقول صفة الشيء التابع للعقار المرتبط به، وبهذا يفقد المنقول بمجرد رصده على استغلال عقار بطبيعته أو بمجرد ربطه بصورة دائمة في هذا العقار، صفته كشيء أصلي ويكسب صفة التبعية بالنسبة للعقار المرتبط به. ويترتب على هذا وجوب تطبيق قاعدة التابع تابع في قضايا عديدة أهمها ما يلي:
-إذا انتقلت ملكية العقار عن طريق الهبة والوصية فإن العقارات بالتخصيص المرتبطة بهذا العقار تتبعه وتنتقل معه ما لم يقم المالك باستثنائها صراحة في سند الهبة أو الوصية.
-تطبق أيضا هذه القاعدة في حالة انتقال الملكية بطريق البيع ما لم يكن هناك نص خاص كما هو الحال في قانون الالتزامات والعقود المغربي حيث نص الفصل 529 على عدم اعتبار خلايا النحل وكذلك بروح الحمام المتحركة جزءا من العين المبيعة .
-إذا حدثت قسمة العقار المشاع وخرج من نصيب أحد الشركاء الجزء الذي كان تحت تصرف شريكه.فإن ملكية ذلك الشريك تشمل العقارات بالتخصيص التي هي من الجزء الذي خرج له.
-إذا رهن المالك عقارا له فإن الرهن يشمل العقارات بالتخصيص ما لم يتفق بشكل صريح على خلاف ذلك، لأن العقارات بالتخصيص تعتبر من ملحقات العقار وأنه من المبادئ العامة أن الرهن يشمل على جميع ملحقات العقار .
3:ـ العقارات حسب الموقع الذي تقع فيه:
هي الحقوق العينية الواقعة على الأشياء العقارية ،وأُخذ هذا الإسم من المحل الذي وقع عليه الحق، مثل حق الملكية المترتب على دار، وأيضا حق الارتفاق الواقع على أرض، وكذلك حق الانتفاع الجاري على بستان هي أموال عقارية. وعلى هذا فالعقارات بحسب الموقع الذي تقع فيه هي تلك الحقوق العينية الواقعة على عقار، وكذلك الدعاوى العقارية أي الدعاوى المتعلقة بحق عيني على عقار أو التي ترمي إلى استحقاق عقار.
-الحقوق العينية العقارية :
ولقد عددت المادة 8 الحقوق العينية التي يجوز أن تجري على العقارات فحصرتها بالحقوق التالية : حق الملكية والانتفاع، والأحباس، وحقا الاستعمال والسكنى، وأيضا حق الكراء الطويل الأمد، وكذلك حق السطحية،وحق الرهن الحيازي،وحقوق الارتفاق،بالإضافة إلى الامتيازات والرهون الرسمية،وبعض الحقوق المستمدة من العرف الإسلامي كحق الزينة والجلسة. فحق السطحية وحقوق الارتفاق والكراء الطويل الأمد وحقا الاستعمال والسكنى هي حقوق عينية عقارية على الإطلاق وذلك لأنها لا ترد إلا على العقارات. والحقوق العينية بعضها أصلي وبعضها تبعي : فالحقوق العينية الأصلية هي تلك الحقوق القائمة بذاتها من دون حاجة إلى غيرها وتشمل حق الملكية والحقوق المتفرعة عن حق الملكية وهي : حق الانتفاع وحق الارتفاق والسطحية والوقف أو الأحباس والكراء الطويل الأمد وحقا الاستعمال والسكنى. أما الحقوق العينية التبعية فهي تلك الحقوق القائمة بغيرها، والتي لا يتصور وجودها بدون التزام أصلي ترتكز عليه وتكون تابعة له كحق الرهن الحيازي وحق الرهن الرسمي والامتياز. وتظهر أهمية التفريق بين الحق العيني الأصلي وبين الحق العيني التبعي، في كون الحق الأصلي يكون قائما بذاته، بينما الحق التبعي يكون مع الالتزام الذي يرتكز عليه وجودا وعدما أيضا، ويزول بزواله، فالالتزام الأصلي المضمون بالرهن إذا كان باطلا مثلا أو قابلا للإبطال تبعه في ذلك مباشرة الرهن الذي يصبح بدوره باطلا أو قابلا للإبطال.
- الدعاوى العقاريـة :وهي عبارة عن دعاوى ترمي إلى حماية حق من الحقوق العينية العقارية.ومنها الدعاوى التالية:
أ- دعوى استحقاق العقار التي يقوم المالك برفعها لتثبيت حقه واسترداد العقار من حائزه الذي ترامى له عليه.
ب-دعوى تخص تثبيت حق من الحقوق العينية العقارية المتفرعة عن الملكية كحق الانتفاع الواقع على عقار وحق السطحية والارتفاق، أو حق من الحقوق العينية التبعية كحق الرهن العقاري وحق الرهن الرسمي والامتياز الواقع على عقار.
ج- دعوى قسمة الأموال العقارية سواء كانت هذه القسمة بتية أي نهائية أو كانت استغلالية غير نهائية.
د- دعوى منع التعرض بحق من الحقوق المذكورة التي يرفعها المالك على من يدعي أن له حقا على عقاره من هذه الحقوق.
هـ- دعوى الحيازة التي تحمي وضع اليد كمظهر للملكية، والتي يجب اعتبارها في حكم الدعاوى العقارية، ولا سيما أن بعض التقنينات سوت بين دعاوى الحيازة والدعاوى العينية العقارية بحيث جعل الاختصاص في هذه وتلك للمحكمة التي يقع في دائرتها العقار .