أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

التطور التاريخي للقانون الدولي ومفهومه

سنتحدث في هذا المقال عن التطور التاريخي للقانون الدولي مع الإشارة إلى مفهومه وذلك وفق المنهجية الآتية:
أولا:تعريف القانون الدولي:
ثانيا:التطور التاريخي للقانون الدولي:
أ-القانون الدولي قديما:
ب-الدولة الاسلامية :
ج-أوروبا الحديثة:

أولا: تعريف القانون الدولي:

القانون الدولي عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي تختص بتنظيم العلاقة بين الدول في حالة الحرب وحالة السلم كما ينظم العلاقة بين الدول وكذا المنظمات الدولية. ولقد اعتبر معظم  فقهاء القانون الدولي العام الحضارة الغربية بأنها المسؤولة عن بداية القانون الدولي استنادا الى معاهدة واستفاليا لعام 1648م التي انعقدت بعد الحرب التي وقعت بين الكاثوليك والبروتستانت ولكن هذا لا يعني بأن العلاقات بين الدول لم تكن موجودة لأننا بالرجوع الى التاريخ نجد بأن هناك علاقات مختلفة بين الدول تخضع لشيء من التنظيم ولكن ليس بالشكل الذي نعيشه في عصرنا الحالي.

ثانيا : التطور التاريخي للقانون الدولي:

أ-القانون الدولي قديما:

من الأمور المسلمة أن الحضارات القديمة لم يكن بها ما يسمى بالنظام القانوني الدولي بالمفهوم الدقيق فقد كانت هناك  قواعد دينية  تنظم بعض العلاقات وبالرغم من قلة الوثائق التاريخية التي تبين موقف الحضارة القديمة من الأمور المتعلقة بالقانون الدولي وكذا العلاقات الدولية إلا أن هناك ما يشير إلى أن الحضارة القديمة عرفت البعض من قواعد القانون الدولي كالالتزام بالمعاهدات واللجوء إلى التحكيم كطريق لحل المنازعات سلميا، وذلك بحسب ما ورد في المعاهدة التي عقدت  بين دولة مدينة لاجاش من جهة ودولة مدينة أوما في العراق القديم من جهة أخرى، وأما في مصر فقد تم عقد معاهدة بين فرعون مصر وملك الحوثيين ،ولقد تضمنت المعاهدة أحكاما خاصة بالتعاون بين الدولتين، كما أنه تم اكتشاف مراسلات في مصر تؤكد وجود شبكة من العلاقات الدبلوماسية كان يقوم بها مبعوثون ملكيون .ولقد  بين قانون مانوكانت في الهند وجود قواعد دولية تتعلق بالمعاملة الإنسانية أثناء الحروب وكذلك الضمانات الواجبة لحماية الممثلين الدبلوماسيين وأن الالتزام بهذه القواعد دليل على تطور القانون .أما فيما يخص الحضارة اليونانية، فقد ساهمت في تكوين قواعد القانون الدولي العام، وذلك من خلال المعاهدات التي تم عقدها بين أثينا وأسبارة  وفي مدن يونانية أخرى، حيث كان هناك تبادل المبعوثين وأيضا اللجوء إلى التحكيم عند حدوث نزاع بينها، وكذا مراعاة القواعد الإنسانية كأسرى الحرب، وحرمة دور العبادة، وكذلك حماية من يلجأ إليها. ولقد تأثرت الحضارة الرومانية،في تاريخها بالحضارتين الشرقية والإغريقية فيما يخص المعاهدات.  

ب-الدولة الإسلامية:

لقد كان للشريعة الإسلامية دورا وأثرا في العلاقات الدولية. فمع ظهور الاسلام قام المسلمون بتشييد دولة تميزت بالحضارة والتمدن، ولقد كانت المبادئ الأساسية لقوانينها، وحيا من السماء ولم تكن مبادئ من صنع الإنسان، فالشريعة الإسلامية شريعة لها أصولها وكذلك تاريخها، فقد قامت بتنظيم مجال التشريع والعلاقة بين البشر بعضهم بعضا. فالشريعة الإسلامية موجهة لجميع الناس دون تمييز في العرق أو اللون فهي تتميز بالعالمية، لأنها تهدف إلى إنشاء مجتمع إنساني واحد، ولقد قام الفقهاء المسلمين بتقسيم العالم إلى ثلاثة أقسام  لتنظيم العلاقات الدولية  بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى: 
-القسم الأول سمي بدار الإسلام: وهو الإقليم الذي يكون تحت سيطرة وهيمنة المسلمين وإن كان سكانها غير مسلمين جميعا، ويدخل في ذلك الأقاليم التي تم فتحها بالقوة. 
-القسم الثاني سمي بدار العهد: وهي الأقاليم التي يسكنها غير المسلمين وارتبطت بدار الإسلام بمعاهدة سلام أو تحالف طبقا  لشروط محددة وهذه الأقاليم تم فتحها عن طريق الصلح. 
-القسم الثالث سمي بدار الحرب: وهي تلك الأقاليم التي أعلنت الحرب على دار الإسلام، ولا ترتبط مع دار الإسلام بمعاهدة سلام ويلحق بدار الحرب الاقاليم الإسلامية التي وقعت تحت سيطرة حكام ليسوا بمسلمين. ولقد قامت  الشريعة الإسلامية بوضع العديد من المبادئ المتعلقة بالعلاقات الدولية كمبدأ الوفاء بالعهد ومبدأ احترام الإنسان وكرامته، كما قامت الشريعة الإسلامية بتنظيم مسألة الدخول في المفاوضات مع الدول غير الإسلامية وهو ما يصطلح عليه في وقتنا الحالي بالعلاقات الدبلوماسية، وبالإضافة إلى ذلك ساهمت الشريعة الإسلامية بشكل واضح في القانون الخاص بالحرب، بحيث قامت بالتفريق بين المحاربين وغير المحاربين وحددت نظاما يبين كيفية التعامل مع أسرى الحرب.

ج-أوروبا الحديثة:

بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية حدثت مجموعة من الاضطرابات والصراعات، خاصة عندما قامت الكنسية بالتدخل في شؤون الدول الكاثوليكية والتسلط على الدول، وهو الأمر الذي أدى بالدول إلى الوقوف ضد الكنيسة، مما أدى إلى انتصار الدولة ونشوئها بالمفهوم الحديث، ونهاية ما يسمى بالعصر الوسيط في أوربا وبداية عصر النهضة. وهذه المرحلة ساهمت في تبلور القانون الدولي وذلك على النحو اآلتالي:
1-ظهر العديد من المفكرين والكتاب الأوروبيين في بداية عصر النهضة ساهموا في تطور القانون الدولي، ومن بين هؤلاء المفكرين والكتاب ميكيافيلي وجان بوران وفيتوريا وغروسيوس وفانثيل. 
2-بعد اكتشاف القارة الأمريكية توسعت العلاقات التجارية مما ساعد وساهم في خلق قواعد عرفية جديدة تتعلق بمبدأ حرية الملاحة البحرية والقواعد المنظمة لحرية التجارة البحرية.  
3-لقد تميزت هذه الفترة بظهور الدولة ذات السيادة والتخلص من الهيمنة البابوية والقضاء على الإقطاعية، وقيام حركة الإصلاح في الجال الديني، وقيام الدولة في فرنسا. 
4-بعد انتهاء اتفاقية وستفاليا للعام 1648م  وصفت  بأنها الميثاق الدستوري لأوروبا، ولقد وضعت الاتفاقية الأسس التي قام عليها القانون الدولي التقليدي وهي كالتالي: 
-ظهور الدول ذات السيادة التي كان باستطاعتها الدخول في علاقات دولية تمكنها من وضع قواعد القانون الدولي،وقد كانت هذه الدول ذات السيادة محصورة في الدول الأوربية المسيحية.
-الاعتراف بمبدأ المساواة بين الدول الأوروبية المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية بعد تخلصها من السيادة الدينية البابوية. 
-العمل بمبدأ التوازن الدولي للمحافظة على السلم في أوربا. 
-اعتماد السفارات الدائمة عوضا عن السفارات المؤقتة، وهذا يعني توثيق العلاقات بين الدول، حيث تم عقد العديد من المؤتمرات، المتعلقة بالقواعد الخاصة بالحرب والحياد ووضعت القواعد الخاصة بتسوية النزاعات الدولية بالطرق السلمية. كمؤتمر فيينا 1815م، ومؤتمر لاهاي الأول لعام 1899م ومؤتمر لاهاي الثاني لعام 1907م.
-إبرام المعاهدات الدولية بشكل مستمر لأهميتها في العلاقات الدولية وحل المشاكل والخلافات بين الدول. 
5-ساهم تطور المجتمع الدولي في تطوير قواعد القانون الدولي وذلك من خلال إنشاء المنظمات الدولية وكانت البداية من خلال إنشاء ما يسمى عصبة الأمم بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وكان الهدف منها هو تنظيم المجتمع الدولي تنظيما جماعيا. وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 1945م تم انشاء منظمة الأمم المتحدة وقد صدرت العديد من الإتفاقيات والمواثيق الدولية التي تنظم العلاقات الدولية منذ نشأتها. 
6-لقد أدى التطور العلمي والتكنولوجي واكتشاف الطاقة الذرية واكتشاف بعض ما في أعماق البحار والتقدم الصناعي إلى ضرورة وضع قواعد قانونية تعالج المشاكل الدولية.
-----------------------------------
لائحة المراجع:
-الوسيط في القانون الدولي العام للدكتورمحمد نصر محمد.
-القانون الدولي العام للدكتور يوسف البحيري.
-مبادئ القانون الدولي العام للدكتور طالب رشيد يادكار.
-اتفاقية وستفاليا للعام 1648م .
تعليقات