أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

خصائص الميزانية العامة والطبيعة القانونية لهذه الموازنة

سوف يكون موضوع هذه المقالة عن خصائص الموازنة العامة والطبيعة القانونية لهذه الموازنة وذلك وفق المنهجية التالية
الفقرة الأولى:خصائص الميزانية العامة:
أولا: الميزانية العامة عبارة عن وثيقة تقديرية:
ثانيا:الميزانية العامة إجازة للجباية والإنفاق:
ثالثا:الميزانية العامة توضع لفترة محددة:
رابعا:الميزانية العامة أداة تدخلية:
الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للموازنة العامة:

الفقرة الأولى: خصائص الموازنة العامة:

تتميز الميزانية العامة بعدد من الخصائص، من أهمها ما يلي:

أولا: الموازنة العامة عبارة عن وثيقة تقديرية:

الميزانية العامة هي بيان تقديري مفصل لما تنوي الحكومة إنفاقه من اعتمادات، وما تتوقع تحصيله من إيرادات، أي بيان مالي متوقع يتضمن أرقام الإيرادات والنفقات، وهذه الأرقام تقديرية ومحتملة وليست فعلية. وبالتالي فلا يوجد التزام بالوصول إلى هذه الأرقام لأن الميزانية توضع لفترة مستقبلية وليست لفترة سابقة، وبالتالي يصعب التحكم بدقة في هذه الأرقام وتحديد دقتها مسبقاً وبالتالي فإن الحسابات التي تتضمنها الميزانية هي حسابات تقديرية قد تتحقق أو لا تتحقق، والأرقام المسجلة في الميزانية العامة ليست نهائية بل تقديرية.
ومن هذا المنطلق فإن الميزانية العامة تقوم على التقدير ولا تعني التخمين أو التوقعات التعسفية، بل إن التقدير عملية احتمالية تقوم على توقعات لسير الأحداث الاقتصادية والمالية. وهذا يعني أن عملية التقدير ليست عملية عشوائية، بل على العكس من ذلك، هي عملية تتم وفق أساليب وتقنيات علمية وفنية متقدمة، ولنجاحها يجب أن تستند إلى دراسات معمقة ودقيقة، وتأخذ بعين الإعتبار كافة المؤشرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمالية، واحتمالات تغيرها على المستوى الوطني، مع الأخذ بعين الإعتبار الظروف الدولية التي قد تؤثر على الوضع الداخلي. وعلى هذا النحو، تعتمد عملية التقدير على تحليل المعلومات الإحصائية، وتستخدم الأساليب الحديثة والمتقدمة المتعلقة بالتنبؤات الإقتصادية للمساعدة في دقة توقعات الميزانية العامة، والأخذ بعين الاعتبار البيانات المتعلقة بالظروف الإقتصادية.

ثانيا:الموازنة العامة إجازة للجباية والإنفاق:

الميزانية العامة وثيقة قانونية لإجازة النفقات والإيرادات العامة والإجازة إجراء قانوني يأذن أو يرخص بمقتضاه البرلمان للحكومة بصرف النفقات وتحصيل الموارد لأن الإجازة تصدر عن السلطة التشريعية التي ترخص بتنفيذ الميزانية في مدة مستقبلية هي السنة في أغلب الأحيان، ويمكن أن تزيد أو تقل عن هذه المدة. 
وبالتالي يقصد بالإجازة اختصاص السلطة التشريعية بالموافقة على تقديرات الحكومة فيما يتعلق بالإيرادات والنفقات العامة للسنة المقبلة، وبهذا لا يعتبر مشروع الميزانية العامة قابلا للتنفيذ الفعلي ما لم تجزها السلطة التشريعية، وذلك تأكيدا لحقها في الترخيص والرقابة على إنفاق الأموال العمومية وجبايتها. ولا يمكن للحكومة مباشرة ممارسة نشاطها المالي إلا بالحصول على الإذن من طرف السلطة التشريعية، هذا الإذن يتمثل في المصادقة على الميزانية، مما يعطي للحكومة الحق في استخلاص المداخيل وصرف الأموال على جميع القطاعات. ويعتبر هذا الحق من أقوى حقوق السلطة التشريعية، إذ عن طريق ترخيصها تستطيع مراقبة العمل الحكومي في المجال المالي بشكل فعال.
ومن الناحية الفقهية، تختلف إجازة الإنفاق عن إجازة الجباية من وجهين:
-إجازة الإنفاق: يمكن النظر لها من جانبين مختلفين، فهي من جهة تقتصر على الإعتمادات التي صادقت عليها السلطة التشريعية، إذ لا يمكن للحكومة تجاوز الحد الأعلى لها عند الإنفاق، لكن من جهة أخرى فإجازة البرلمان للنفقات يعطي الحكومة الحق في القيام بها من عدمه، وهي بذلك حرة في إنفاقها أو عدم إنفاقها وفق ما تقتضيه اعتبارات المصلحة العامة. وانطلاقا من ذلك، فإجازة الإنفاق تعني الموافقة على الصرف في حدود الإعتمادات المخصصة لأوجه الإنفاق المختلفة في فصول الميزانية العامة، لكن الإجازة لا تعني صرف كل ما خصص لوزارة من الوزارات، بل تعني فقط إمكانية إنفاق هذه الأموال حسب حاجة الوزارة. 
-أما بخصوص إجازة الجباية فيمكن كذلك تناولها من وجهين مختلفين: فالترخيص بالجباية غير مقيد بأرقام الإيرادات المقدرة في الميزانية العامة وتملك السلطة التنفيذية حق تجاوزها، فالأرقام المقدرة في الميزانية العامة للإيرادات لا تعني الحد الأعلى الذي يجب ألا تتعداه الإيرادات المحصلة من طرف الإدارات العمومية المكلفة بالتحصيل، بل يجوز تجاوز هذه التقديرات عند التحصيل، وبالمقابل فالأجهزة العمومية مجبرة على تحصيلها تحت طائلة العقاب بالنسبة للموظفين المسؤولين عن التحصيل، فليس للأجهزة العمومية إذن الحرية في تحصيلها من عدمه، إذ أنها واجبة التحصيل طبقا للنصوص القانونية المقررة لها.

ثالثا:الموازنة العامة توضع لفترة محددة:

يتم وضع الميزانية لمدة زمنية محددة ومقبلة تكون عادة سنة واحدة، وهذا ما يعرف بسنوية الميزانية العامة، ويقصد بذلك إعداد الحكومة مشروع الميزانية العامة لمدة سنة مقبلة، واعتماد البرلمان هذا المشروع للمدة المماثلة وهي سنة، فالميزانية العامة بيان مالي محدد المدة أي بيان مالي سنوي. وقد أجمعت معظم الدول على جعل مدة الميزانية العامة سنة واحدة، وإن كان هناك اختلاف في التجارب الدولية في تاريخ بدايتها ونهايتها. واستنادا لذلك أصبح مبدأ السنوية من المبادئ التي رسخت واستقرت في الفكر المالي والنظم المالية الوضعية لمختلف الدول.

رابعا:الموازنة العامة أداة تدخلية:

تعتبر الميزانية خطة مالية تضع فيها الحكومة كل اختياراتها أي ما تريد أن تحققه على المستوى الإقتصادي والإجتماعي والثقافي، بمعنى آخر أداة تمويلية بما تتضمنه من اعتمادات لتنفيذ كل السياسات العمومية التي تضعها الحكومة في برنامجها الحكومي لتحقيق اختياراتها وتوجهاتها وسياساتها في كافة المجالات، فالميزانية العامة ليست مجرد معطيات رقمية أو محاسبية، بل إن هذه الأرقام تعبر عن اختيارات سياسية واقتصادية واجتماعية. وعلى هذا النحو، فالميزانية العامة أداة قانونية ومالية ومحاسبية تمكن الحكومة من تمويل أنشطتها، وممارسة صلاحياتها، وتنفيذ السياسات التي عبرت عنها في البرنامج الحكومي الذي مكنها من الحصول على ثقة البرلمان.
ومن هذا المنطلق، تكشف الأرقام عن برنامج عمل الحكومة في المجال الإجتماعي والإقتصادي، كما تعبر هذه الأرقام عن نطاق تدخل الدولة وسياستها في مجال الإنتاج والإستهلاك والإدخار والتوزيع، وعن مدى دور الدولة في التنمية، وبذلك يكون للميزانية العامة آثار على كل مجالات الحياة داخل المجتمع.

الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للموازنة العامة:

لقد اختلف الفقهاء في تحديد الطبيعة القانونية للميزانية العامة إلى عدة اتجاهات يمكن إجمالها في ما يلي:

-الإتجاه الأول:

يرى أن الميزانية العامة ليست قانونا بل مجرد عمل من أعمال الإدارة من حيث الشكل والموضوع، إذ تحضر الميزانية من طرف الحكومة، ولا تتضمن أحكاما قانونية، بل تحتوي فقط على حسابات ومعطيات رقمية تقديرية، كما أنها تعد لمدة زمنية محددة وهي سنة واحدة في الغالب. 

-الإتجاه الثاني:

يعتبر الميزانية العامة عملا إداريا من حيث الموضوع، لكن هذا العمل لا يكون مشروعا إلا بعد موافقة البرلمان عليه، وهذا يعني أن الميزانية العامة عبارة عن عمل من أعمال الإدارة من حيث الموضوع، وقانونا من القوانين من حيث الشكل، وينظر الفقهاء في هذا الإتجاه للميزانية العامة بأنها عمل إداري لأنها تحضر وتعد من طرف السلطة التنفيذية، وتتضمن مبالغ مالية ومعطيات حسابية، فهي إذن ليست بقانون بل مجرد عمل إداري من حيث الموضوع بسبب فقدان مقتضياتها للمعنى الدقيق للقانون، وعدم استنادها إلى قواعد عامة ملزمة، بل على مجرد تقديرات احتمالية للنفقات والإيرادات العامة ولكن من جهة ثانية، ولأن البرلمان يصادق على هذا العمل، فإنه يتخذ شكلا قانونيا، إذ يخضع لمسطرة تشريعية متميزة وخاصة مشابهة للمسطرة التي تخضع لها باقي القوانين العادية، وبالتالي يمكن النظر إليها كقانون. 

-الإتجاه الثالث:

يقول بأن الميزانية العامة عبارة عن قانون من حيث الشكل والمضمون ويؤسس هذا الإتجاه الفقهي طرحه المتمثل في أن الميزانية العامة قانون من حيث الشكل والموضوع على النحو التالي: 
=من حيث الشكل تمر الميزانية العامة عبر البرلمان، بحيث تتم مناقشاتها والتصويت عليها وفق مسطرة تشريعية تخضع لآجال محددة ومعنى ذلك أن الميزانية العامة تخضع مثل جميع القوانين لإجراءات المسطرة التشريعية. 
=من حيث الموضوع فالميزانية عبارة عن قانون من حيث المضمون لأنها تضم قواعد قانونية ملزمة تفرض على الجميع، لأنها تتضمن مجموعة من الأحكام العامة التي هي بمثابة قواعد قانونية ملزمة.
-------------------------------------------
لائحة المراجع:
-القانون التنظيمي للمالية. 
-المالية العمومية المغربية والمقارنة للأستاذ عبد القادر تيعلاتي.
-قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة للأستاذ عسو منصور.
-اقتصاديات المالية العامة للأستاذ قحطان السيوفي.
-مبادئ المالية العامة للأستاذ محمد سعيد فرهود.
تعليقات