الديمقراطية تعريفها وخصائصها:
أولا: تعريف الديمقراطية وأهدافها:
1-المقصود بالديمقراطية:
مصطلح الديمقراطية هو كلمة يونانية الأصل وتعني "حكومة الشعب" أو "سلطة
الشعب".
في المفهوم الديمقراطي، الشعب هو الذي يحكم نفسه بنفسه، وهو مصدر السلطات في
الدولة ويختار الحكومة والنظم السائدة في الدولة سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا
فالشعب هو أساس الحكم، وأساس السلطات، ومصدر القانون الذي تخضع له الدولة.
الديمقراطية في المجتمع اليوناني، وخاصة أثينا، لا تعكس الديمقراطية
الحقيقية بصورتها الحالية فالمجتمع اليوناني كان منقسما إلى طوائف لا تتمتع
جميعها بالحقوق السياسية وهذه الطوائف كانت مقسمة على الشكل التالي:
-الأرقاء: محرومون من الحقوق السياسية.
-الأحرار: لم يبلغوا مرتبة المواطنين، ولا يتمتعون بالحقوق السياسية.
-المواطنون الأحرار: وحدهم لهم حق ممارسة الحقوق السياسية، أي إدارة البلاد
داخليا وخارجيا.
ويتبين من خلا ل هذا التقسيم أن فئة قليلة فقط من المجتمع اليوناني كانت
تمارس سلطة الحكم، على عكس الديمقراطية الحالية التي تعطي جميع أفراد الدولة
حق المشاركة السياسية في إدارة شؤون البلاد.
تعرف الديمقراطية أيضا بأنها شكل من أشكال الحكم في الدولة يشارك فيها كل
المواطنين المؤهلين بعدالة ومساواة، إما مباشرة أو بواسطة ممثلين منتخبين عن
الشعب، من أجل اقتراح وتطوير ووضع القوانين.
تعتبر الديمقراطية اليوم هي الشرعية الوحيدة التي لا بديل عنها، باعتبارها
منهج حكم يسيطر على مصادر العنف وأسباب الصراع، نتيجة لضمان حق المشاركة
السياسية الفعالة لكل أفراد الشعب في اتخاذ القرارات الهامة وفق الشرعية
الدستورية التي تحمي حقوق وحريات الأفراد. فحماية حقوق وحريات الأفراد سمة
عامة تتميز بها نظم الحكم الديمقراطي الحقيقي.
ولقد عرفتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان والديموقراطية بقولها:
الديمقراطية هي أحد المثل العليا المعترف بها عالميا والقائمة على قيم
مشتركة تتبادلها الشعوب في مختلف أنحاء العالم، بغض النظر عن الإختلافات
الثقافية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية. وكما هو معترف به في إعلان
وبرنامج عمل فيينا، تقوم الديمقراطية على إرادة الشعب المعبر عنها بحرية
لتقرير نظمه السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية ومشاركته التامة
في جميع جوانب حياته.
والديمقراطية والتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان والحريات
الأساسية أمور مترابطة ومتداعمة.
2-أهداف الديمقراطية:
يمكن إجمال أهداف الديموقراطية فيما يلي:
-الحفاظ على كرامة الفرد وحقوقه الأساسية وتعزيزها.
-تحقيق العدالة الإجتماعية.
-تشجيع التنمية الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع.
-تعزيز تماسك المجتمع.
-توطيد الأمان الوطني.
-إرساء مناخ مؤات للسلام الدولي.
وتعتبر الديمقراطية، كشكل من أشكال الحكم، مرجعا أساسيا للجميع لحماية
حقوق الإنسان، وهي توفر بيئة لحماية حقوق الإنسان وإعمالها إعمالا فعليا.
واليوم وبعد مضي فترة على تحقيق الديمقراطية في مختلف أنحاء العالم، يبدو
أن العديد من النظم الديمقراطية تتراجع. ويظهر أن بعض الحكومات تتعمد إضعاف
إجراء عمليات تحقق مستقلة بشأن سلطاتها، والقضاء على أي نقد، وتفكيك
الرقابة الديمقراطية وضمان حكمها لمدة طويلة، مع أثر سلبي على حقوق
الشعب.
ثانيا: خصائص ومميزات الديمقراطية:
1-وجود دستور:
يقوم الدستور بوضع القواعد الأساسية لنظام الحكم في الدولة، وكيفية تشكيل
السلطات العامة (التشريعية، التنفيذية، القضائية)، والعلاقات فيما بينها،
والمقومات الأساسية للمجتمع، وحقوق الأفراد وضماناتها.
وتعتبر القواعد التي يقررها الدستور أسمى القواعد القانونية، حيث لا يجوز
تعديلها إلا بإجراءات مشددة. ومبدأ سمو الدستور يعني علو القواعد الدستورية
على غيرها من القواعد القانونية، وأي قانون تصدره الدولة يجب أن لا يكون
مخالفا للدستور، سواء كان مكتوبا أو عرفيا.
2-سيادة القانون:
القانون لغة هو مقياس كل شيء وإصطلاحا هو مجموعة القواعد والأحكام العامة
الثابتة التي تحكم الناس في علاقاتهم الإجتماعية، تصدرها وتنفذها
الدولة، ممثلة في المجلس التشريعي الذي يقرها، والمحاكم التي تطبقها، والسلطة
التنفيذية التي تراقب تنفيذ أحكام القضاء، وتعاقب المخالف.
فالقانون يسري على الجميع، ولا فرق بين حاكم ومحكوم، طبقا لمبدأ المساواة
أمام القانون أو مبدأ سيادة القانون، باعتباره أحد مبادئ الدولة الديمقراطية
الحديثة.
ومبدأ سيادة القانون يساعد على استقرار النظام العام للمجتمع، فحينما تطبق
مبادئ العدل ينعكس ذلك إيجابيا على شكل خيرات مادية وروحية، ومبدأ سيادة
القانون في الدولة الديمقراطية ليس مبدأ نظريا، وإنما يمثل فلسفة سياسية
وقانونية للدولة العصرية التي يحترم حكامها رعاياها.
3-حرية التعبير وإبداء الرأي:
تقاس حرية أي مجتمع بمدى حرية صحافته ووسائله الإعلامية، وقدرة أفراده على
التعبير عن آرائهم وأفكارهم ونشرها بحرية وبدون قيود ومن حق كل فرد في
المجتمع أن يتمتع بحرية التعبير وإبداء الرأي والحصول على المعلومة ونشر
الأفكار بحرية وبدون أي قيد. ويشمل ذلك حرية الإجتماعات العامة، ولا يستثنى
من ذلك سوى ما يمس بالمصالح العليا للبلاد، على أن يكون الحكم في ذلك للقضاء
وحده.
4-حرية تكوين الأحزاب السياسية وإستقلال القضاء:
أ-حرية تكوين الأحزاب السياسية:
تعد التعددية الحزبية من أساس الديمقراطية حيث لا يمكن لهذه الأخيرة أن تزدهر
في ظل نظام الحزب الواحد أو الحزب المسيطر، حيث أن احتكار السلطة من قبل حزب
واحد لفترة طويلة يقوض مبادئ التنافسية والتمثيل العادل لإرادة الشعب.
تعتبر الأحزاب السياسية والنقابات العمالية أدوات أساسية للمواطنين للتعبير عن
مصالحهم المختلفة والمشاركة في صنع القرار السياسي.
يجب أن يكفل الدستور والقوانين حرية تأسيس الأحزاب السياسية والإنضمام إليها،
وحماية هذه الأحزاب من أي تدخل أو قمع من قبل السلطة الحاكمة.
تعتبر حرية تكوين الأحزاب السياسية من الحقوق الأساسية التي تضمنها الدساتير
والمواثيق الدولية، وهي شرط ضروري لقيام نظام ديمقراطي حقيقي. فالأحزاب
السياسية تلعب دورا محوريا في تمثيل مختلف التيارات السياسية والفكرية في
المجتمع، وتساهم في تنشيط الحياة السياسية والمشاركة في صنع القرار.
ونذكر على سبيل المثال دستور المملكة المغربية لسنة 2011 حيث أشار في الفصل
7 على أن الأحزاب السياسية تساهم في التعبير عن إرادة الناخبين والمشاركة
في الحياة السياسية وتنظيمها. كما يضمن الدستور حرية تأسيس الأحزاب والإنضمام
إليها، وذلك في إطار القانون.
وكذلك القانون رقم 36.12 المتعلق بالأحزاب السياسية حيث يحدد هذا القانون شروط
تأسيس الأحزاب السياسية، وحقوقها وواجباتها، وكيفية تمويلها، وغيرها من الأحكام
المتعلقة بتنظيم الأحزاب.
ب-استقلال السلطة القضائية:
يعتبر استقلال القضاء عنصرا حاسما في ضمان سيادة القانون وحماية حقوق
المواطنين وحرياتهم. ويجب أن يتمتع القضاة بالاستقلالية التامة في أداء
وظائفهم، دون خوف أو تحيز، وأن يكونوا مسؤولين فقط أمام القانون، ويتطلب
استقلال القضاء توفير ضمانات دستورية وقانونية، بحيث يجب أن يتم تعيين القضاة
من خلال لجنة قضائية مستقلة، وليس من قبل السلطة التنفيذية، كما يجب أن يتمتع
القضاة بالحصانة ضد أي تدخل في شؤونهم القضائية وأن لا يتم عزل القضاة إلا
بموجب إجراءات تأديبية خاصة، ولأسباب محددة، بالإضافة إلى إستقلال القضاة لابد
من استقلال المحامين أيضا لأنهم يلعبون دورا هاما في الدفاع عن حقوق الأفراد
والمؤسسات.
ولقد أشار دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في الفصل 107 على أن السلطة
القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. كما يضمن الدستور استقلال
القضاة، وعدم خضوعهم لأي تدخل أو ضغط من أي جهة كانت.
وكذلك القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية،
يحدد هذا القانون مهام المجلس الأعلى للسلطة القضائية، واختصاصاته، وكيفية
تسييره، وذلك بهدف ضمان إستقلال القضاء وتعزيز نزاهته.
-------------------------------------
لائحة المراجع:
-دستور المملكة المغربية لسنة 2011.
-القانون رقم 36.12 المتعلق بالأحزاب السياسية.
-القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
-الديمقراطية وحقوق الإنسان (الأمم المتحدة).
-مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان (المفوضية السامية لحقوق الإنسان).