أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

نشأة العلاقات الدولية وتعريفها

في هذا المقال سوف نتحدث عن نشأة العلاقات الدولية وتعريفها وذلك وفق المنهجية التالية:
أولا:تقديم عام:
ثانيا:نشأة العلاقات الدولية وتعريفها:
1-العلاقات الدولية كظاهرة:
2-التعاريف التي تركز على أطراف العلاقات الدولية:
3-التعاريف التي تركز على ماهية العلاقات الدولية:

أولا:مقدمة عن العلاقات الدولية:

تعتبرالعلاقات الدولية علما من العلوم الإنسانية والتي تدرس الإنسان ضمن تفاعلاته الدولية وفق مناهج علمية. وتعتبر بذلك مادة معرفية واختصاصا علميا يهتم بدراسة الواقع الدولي بكل تفاعلاته وفاعليه ومتغيراته كما يمكن النظر لها كحقل معرفي أكاديمي يهتم بدراسة الظواهر الدولية التي تحدث بين أشخاص العلاقات الدولية من أجل فهم جوهرها وأبعادها وفق أدوات علمية. ومن جهة أخرى، وتندرج مادة المدخل إلى العلاقات الدولية ضمن مواد القانون العام االخارجي، وتستمد هذه االمادة أهميتها من محاولة تفسر العلاقات بين الدول، وبالتالي تساعدان على فهم العالم. وعلى هذا الأساس، ترمي العلاقات الدولية الى فهم وتفسيروشرح ما يجري داخل المجتمع الدولي، وذلك عن طريق مقاربة جوهر العلاقات بين الفاعلين في العلاقات الدولية، سواء كانت ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو إنسانية بصفة عامة. وفضلا عن ذلك، فالأحداث المتلاحقة والمتسارعة التي مر منها العالم بشكل عام، والعالم العربي بشكل خاص تحتاج إلى أداة علمية تمكننا من فهم جوهرها وتفسير أبعادها ومعرفة العوامل والمحدداث المؤثرة  فيها، وهنا تبرز أهمية مادة المدخل إلى العلاقات الدولية. 

ثانيا:نشأة العلاقات الدولية وتعريفها:

ننطلق من ثلاثة مستويات للبحث في نشأة العلاقات الدولية وتعريفها؛ المستوى الأول دراسة أصل العلاقات الدولية كظاهرة من الظواهر الإنسانية من أجل التفكير في عدة إشكاليات مرتبطة بجذورها وظروف نشأتها، في حين يتعلق المستوى الثاني بالتفكير في مختلف التعاريف التي قدمت للعلاقات الدولية من أجل تحديد ماهيتها،أما المستوى الثالث فقد خصصناه لميلاد العلاقات الدولية كحقل علمي أكاديمي مشددين على الكيفية التي تشكل هذا الأخير بها، وذلك من خلال التوقف على سيرورة تشكل العلاقات الدولية كعلم واستقلاله عن باقي العلوم الاجتماعية.

1- العلاقات الدولية كظاهرة: 

عبارة "العلاقات الدولية" تستعمل  للدلالة في نفس الآن على الظاهرة وعلى العلم. وفي هذا المستوى،يستخدم لفظ العلاقات الدولية بالمعنى الأول، وذلك للتعبير عن جميع الأحداث والوقائع التي يشهدها الواقع الدولي؛ فهي بهذا تدل على مجموع التفاعلات السائدة بين الشعوب والمجتمعات السياسية.-أصل العلاقات الدولية كظاهرة من الظواهر الاجتماعية :الموقف الأول، يطلق لفظ العلاقات الدولية على العلاقات التي كانت قائمة بين كل الوحدات السياسية المستقلة من غير الدول التي عرفها التاريخ وحتى ما قبل التاريخ إلى اليوم إذ يرى كولار أن العلاقات الدولية ظاهرة موغلة في القدم. كما لا يرتدد هولستي في اعتبار أن العلاقات الدولية تنشأ داخل كل مجموعة من الكيانات السياسية كالقبائل والدول - المدن والإمبراطوريا ت التي تربط بينها تفاعلات تتميز بقدر كبير من التواتر ووفق نوع من الانتظام. من الواضع أن هولستي يوسع موضوع العلاقات الدولية ليشمل كل أشكال التجمعات السياسية المستقلة التي عرفها التاريخ البشري.هكذا، يدافع أصحاب هذا الموقف على أن العلاقات الدولية ظاهرة قدمية قدم المجتمعات البشرية نفسها.برزت وترسخت مع ظهور المجتمعات البشرية التي اضطرت، بهدف الحفاظ على بقائها وتأمين حاجتها، إلى التعامل مع غيرها من التكتلات. إذ يشهد التاريخ على وجود العديد من الصلات بين هذه الشعوب والمجتمعات اتخذت شكل روابط تعاونية سياسية وتجارية وثقافية ,كما اتخذت شكل صدامات وصراعات وحروب أحيانا أخرى. من هنا، تدل العلاقات السائدة بين الشعوب  والمجتمعات   السياسية في الماضي البعيد على أن جذور العلاقات الدولية تعود إلى عهود قدمية جدا. اماالموقف الثاني، فيرفض المفكر البريطاني هيدلي بول المدلول الواسع الذي منحه الموقف الأول لعبارة العلاقات الدولية، ويلح على أن حصر دلالة هذه الأخيرة في معناها الضيق: أي العلاقات بين الدول. وعلى هذا،يظهر أن تحديد تاريخ ميلاد ظاهرة العلاقات الدولية يرتبط بالفترة التي ظهرت فيها الدول ومجتمع الدول باعتبارهما المكون الأساسي وجوهر ما يسمى بالعلاقات الدولية، فالافتراض هنا يقوم على التسليم بعدم إمكانية وجود ظاهرة العلاقات الدولية بدون وجود الدول. واستنادا لذلك، فمهمة البحث في أصول ميلاد ونشأة العلاقات الدولية كظاهرة تفضي إلى مهمة أخرى تخص البحث في أصول ميلاد ونشأة الدولة، وكذا المجتمع الدولي، بوصفهما المؤشر الأساسي لظهور العالاات بين الدول، حيث يقول هيدلي بول أن نقطة الانطلاق في العلاقات الدولية هي وجود دول، أو مجتمعات سياسية مستقلة.ويشير روبرت جاكسون إلى أن جذور الدولة ومجتمع الدولة قديمة جدا، حيث هناك من يتحدث عن وجود اتفاقيات رسمية مسجلة بين الدول - المدن القديمة  تعود إلى عام 2400 ق.م، وتحالفات تعود إلى 1390ق.م، ووجود مبعوثين دبلوماسيين عام 653 ق.م.ولكن هناك من يعتبر اليونان القديمة أول مظهر تارخي لميلاد الدول ومجتمع الدول، فالنظام الذي أقامته المدن اليونانية يمثل سابقة بالنسبة للنظام الذي أقامته الدولة القومية في أوروبا. وهناك من يرى ولكن بدرجة أقل أن فترة الرومان عرفت قيام مجتمع دولي قائم على فكرة االخضوع والهيمنة التي فرضتها الإمبراطورية الرومانية على باقي الأقاليم غير أن أغلب الكتابات المرجعية في حقل العلاقات الدولية تذهب إلى أن معاهدة وستفاليا عام 1648 كانت التعبير الصريح الاول عن مجتمع الدول الاوروبي، الذي اعترب أول مجتمع دولي متكامل البناء بمؤسساته الدبلوماسية الخاصة، وصيغته القانونية الرسمية.
 ومن هذا المنظور، يؤكد هيدلي بول أن العلاقات الدولية لم تظهر إلا مع الدولة القومية في أوروبا بين القرنين 15 و16 مما يعني أن تشكل هذا النمط استغرق حوالي  قرنين من الحروب الدينية والسياسية  والقومية على مستوى أوروبا كلها. وعلى هذا النحو، اعتبرت ظاهرة العلاقات الدولية منتوجا أوروبيا خالصا ، بالتالي  جعل من "أسطورة 1648" محددا لنشوء العلاقات الدولية كظاهرة، وبالتالي  كموضوع للدراسة والبحث. إذ يؤكد العديد من الباحثين أن معاهدة وستفاليا 1648 شكلت المحدد لموضوع العلاقات الدولية المكون من الدول ونظام  الدول ومؤسسات ومبادئه التي يركز عليها، فهم يؤرخون للعلاقات الدولية ابتداء من هذه المعاهدة التي هي كذلك المرجعية التارخيية للدولة ونظام الدول ومبدأ السيادة ونهاية النظام الإقطاعي للجمهورية المسيحية ونهاية حرب الثلاثين سنة. إذن شكلت هذه المعاهدة في أدبيات العلاقات الدولية النقطة المرجعية لأصل كل من: الدولة الحديثة والمفهوم المبتكر للسياد ة ونظام الدول الأوروبي. وفي هذا الاطار، قدم الذين يميلون إلى أن الدولة ظاهرة حديثة، ويسلمون أنه لا يمكن تصور وجود علاقات دولية بدون وجود الدولة القومية، بعض التربيرات للدفاع عن تصورهم منها ما هو سياسي قانوني، ومنها ما هو اقتصادي اجتماعي يرى هايس، من الزاوية السياسية القانونية، أنه بدون مبدأ المساواة بين دول ذات سيادة فالعلاقات الدولية غير ممكنة. أما كريندورف فيؤكد، من زاوية اقتصادية اجتماعية، أن العلاقات الدولية ظاهرة تجد سببها في قيام النظام الاجتماعي الاقتصادي الرأسمالي البرجوازي.ولقد نشأت العلاقات الدولية بالمعنى الضيق مع نمط الدولة القومية الذي ظهر في أوروبا على أنقاض النمط الدولي الإقطاعي في القرن السادس عشر، ثم انتشرت بعد ذلك في جميع أنحاء العالم بفعل الاكتشافات الجغرافية الكبرى  والتوسع الأوروبي، ثم على إثر تصفية الاستعمار، امتدت العلاقات الدولية من منظور مرسيل مريل لتشمل كل أنحاء المعمور، و أصبحت الشعوب بذلك تعيش كلها تاريخا دوليا واحدا، كما أصبحت العالقات الدولية أكثر شمولا حبيث لم تعد مختزلة في أوروبا. فمنذ القرن التاسع عشر ظهرت السفارات الدائمة فأعطت الاتصالات الدبلوماسية استقراراها واستمراريتها. وبعد الحرب العالمية الثانية لم تعد قضايا الأمن طاغي الأول: يرتبط بملاحظة للمفكر الفرنسي رميون آرون مفادها أن العلاقات الدولية كمادة معرفية ليس لها حدود مرسومة في الواقع. فلا يمكن لها أن تنفصل أو تفصل عن باقي الظواهر الاجتماعية؛ بل إن بعض العلوم الحقة يمكن أن تفيد هذه المادة. الثاني: يرجع إلى اختلاف المنطلقات الفكرية والإيديولوجية لكل باحث في هذه الظاهرة حيث يؤثر المحيط العلمي والثقافي الذي يعيش فيه على تحديد مفهوم العلاقات الدولية. الثالث: حداثة المادة إذا ما قورنت بالمواد أو العلوم الأخرى، حيث لم تستقل هذه المادة بنفسها، وتدرس كمادة معرفية مستقلة إلا بعد الحرب العاملية الأول في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية. ولقد سبق لكريس براون في كتابه "فهم العلاقات الدولية" الوصول إلى قناعة مفادها أنه من الصعوبة وضع تعريف للعلاقات الدولية ينال رضى الأغلبية من الباحثين في هذا الحقل. وبالنظر لعدم الاتفاق حول تعريف موحد للعلاقات الدولية، فقد ارتاينا الأخذ بتصنيف الأستاذ أنور محمد فرج للتعاريف المتداولة في الحقل، وتقدميها على الشكل التالي:

2-التعاريف التي تركز على أطراف العلاقات الدولية: 

بعض التعاريف الهادفة إلى تحديد الفاعلين في العلاقات الدولية، والتي توزع أصحابها إلى صنفين :الصنف الأول: ركز عدد كبير من المفكرين في حقل العلاقات الدولية على الدولة كوحدة للتحليل مثل هانس مورغنتاو ورميون آرون وستانلي هوفمان وكوينسي رايت. وفي هذا السياق، اعتبرت الدول كوحدات متجانسة ومستقلة الفاعل الأساسي في العلاقات الدولية. إذ تم تحديد العلاقات الدولية بأنها علاقات بين الدول فقط، فلا وجود للعلاقات الدولية بدون الدولة  لذلك، تعتبر هذه الاخيرة الفاعل الرئيسي بل الوحيد في اللاقات الدولية، ومن هذا المنظور يمكن تفسير الإغفال التام للأطراف الأخرى، وما يمكن أن تقوم به من أدوار فاعلة في العلاقات الدولية كالمنظمات الدولية مثلا. لقد قال رميون آرون أن العلاقات الدولية هي العلاقات بين الوحدات السياسية المستقلة الموجودة في العالم. كما ركز ميشال فريايل على العلاقات التي تربط بين السلطات السياسية التي حاولت التهرب من سلطة سياسية أعلى منها. وفي نفس الاتجاه، ذهب كوينسي رايت إلى اعتبار العلاقات الدولية هي العلاقات القائمة بين مجموعات سياسية ذات سلطة. والملاحظ أن أصحاب هذا التصور يدافعون على أن الدولة هي الطرف الوحيد والمميز للعلاقات الدولية، إذ حدد كل من مورغنتاو وكينيت تومبسون جوهر العلاقات الدولية في السياسة الدولية التي مادتها الأساسية الصراع من أجل القوة بين الدول ذات السيادة. يبقى أن التصور الذي يعرف العلاقات الدولية بأنها العلاقات بين الدول هو تصور قاصر وعاجز عن استيعاب العناصر الحقيقية للظاهرة الاجتماعية التي تشمل العلاقات الدولية، وفهم بنية وميكانيزمات اشتغال المجتمع الد ولي وقد تبنت هذا التصور فئة من المفكرين والباحثين في حقل العلاقات الدولية، ولكنها تراجعت عنه مؤخرا، وخصوصا بعد ظهور المنظمات الدولية والاعتراف لها بالشخصية الدولية .الصنف الثاني: تبنى أصحابه رؤية أكثر شمولية للعلاقات الدولية سواء من حيث الفاعلين، أو من حيث القضايا والعوامل المؤثرة فيها. وسنركز في هذا المضمار، على الفاعلين في العلاقات الدولية وذلك لاعتبارات منهجية وتعليمية. ولقد ركز الاتجاه الاول على الفرد كوحدة للتحليل، فنيكوالس سبيكمان مثلا عرف العلاقات الدولية بأنها " العلاقات بين أفراد ينتمون لدول مختلفة، والسلوك الدولي هو ذلك السلوك الاجتماعي لأشخاص أو مجموعات تستهدف أو تتأثر بوجود سلوك أفراد أو جماعات ينتمون إلى دول أخرى". في حين ركز الاتجاه الثاني على تعدد الفاعلين، فدانيال كوالر اعتبر أن دراسة العلاقات الدولية تغطي العلاقات السلمية والحربية بين الدول والمنظمات الدولية، وتأثير القوى ذات البعد الدولي، وجميع المبادلات والنشاطات التي تتعدى حدود الدولة. يتبين إذن أن الدولة ليست في هذا الاتجاه الطرف الوحيد الذي يلعب دورا فاعلا على الساحة الدولية، بل هناك قوى جديدة وفاعلة لها تأثيرها على مستوى شكل ومضمون السياسات الدولية.أما الاتجاه الثالث فقد ركز على النسق أو النظام الدولي كوحدة للتحليل، فروبرتو ميسا يعرف العلاقات الدولية بأنه العلم الذي يدرس المجتمع الدولي الديناميكي والجامد، أي دراسة المجتمع الدولي كوحدة مستقلة من جهة، و دراسة التفاعلات الديناميكية التي تحدث في إطارها من جهة أخرى. وجعل مورتون كابلان من النظام الدولي ككل محور التحليل في دراسة العلاقات الدولية. وانطلاقا من ذلك، فالمحور الذي تدرسه العلاقات الدولية ينصب على المجتمع الدولي في ماضيه وحاضره ومستقبله.يتضح من التعاريف السالفة الذكر أن علم العلاقات الدولية لا يدرس الدولة فقط، بل يتسع نطاقه لكل االفاعلين، كالمنظمات الدولية، اليي تم الاعتراف لها بالشخصية القانونية، والشركات متعددة الجنسيات. لم تعد الدولة في الوقت الحاضر المؤسسة السياسية الوحيدة التي تقوم بدور هام في الحياة الدولية. بل هناك الى جانب الدولة منظمات دولية حكومية وغير حكومية اقليمية وعالميةوتؤثر في معظم الاحيان في مجرى العلاقات الد ولية. وإلى جانب الدولة والمنظمات الدولية يوجد الشركات متعددة الجنسيات التي تتمتع بتأثير قوي داخل الساحة الدولية.

3-التعاريف التي تركز على ماهية العلاقات الدولية:

هذا الصنف من التعاريف يركز على موضوع العلاقات الدولية، وهنا يمكن القول بأن مجالات العلاقات الدولية قد لا يقتصر على العلاقات السياسية وحدها ولكن يمكن أن يشمل العلاقات الأخرى كالعلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية.وفيما يلي سنتحدث عن بعض التعاريف التي تهدف الى تحديد المضمون الحقيقي لعبارة العلاقات الدولية والتي انقسم أصحابها الى اتجاهين:
الاتجاه الأول: ركز أصحاب هذا الاتجاه على العلاقات السياسية كموضوع للعلاقات الدولية حيث نجد على سبيل المثال محمد سامي عبد الحميد يعرفها بأنها " كل علاقة ذات طبيعة سياسية أو من شأهنا إحداث انعكاسات وآثار سياسية تمتد إلى ما وراء الحدود الإقليمية لدولة واحدة". يتبين من خلال هذا التعريف أن العلاقات الدولية تكتفي بماا هو سياسي، إذ تركز على دراسة الظواهر السياسية، ولا تمتد الى ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي.
الاتجاه الثاني: حاول أنصار هذا الاتجاه تقد يم تعريف شامل لكل أبعاد أو مجالات العلاقات الدولية، فمثلا فأنطونيو ترويول عرفها بأنها "تلك العلاقات الإنسانية ذات الطبيعة الدولية"، والمقصود بذلك أن نطاق العلاقات الدولية لا يكتفي بدراسة الظواهر السياسية بل يشمل دراسة التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية... وفي نفس الإطار يقول بطرس غايل: "إننا نفضل عدم وصف العلاقات الدولية بأنها سياسية لأنه إذا كان الجانب السياسي هو الغالب فيها، فإن لبعض العناصر الأخرى من اقتصادية واجتماعية وثقافية أثرا لا يقل عن السياسية".إن إقامة علاقات دبلوماسية مع إحدى الدول، وتبادل الزايرات الرسمية مع رؤسائها، وتوقيع المعاهدات والاتفاقيات معها ليس إلا مظهرا من المظاهر العديدة التي تحفل بها الحياة الدولية.ولقد كانت الثورة التكنولوجية، وتزايد أهمية المسائل الاقتصادية والاجتماعية،وتطور وسائل النقل والاتصال والإعلام،وتضخم دور الدولة في المجتمع، سببا في توسع حدود الميدان الخاص الذي تنشط فيه العلاقات الدولية.
يتبين من خلال مختلف التعاريف المقدمة للعلاقات الدولية أنه ليس هناك اتفاق على تعريف موحد للعلاقات الدولية في ظل تنوع الاتجاهات واختلافها وتعدد النظرايات التي يشهدها حقل العلاقات الدولية كتخصص أكادميي. كما يتضح وجود تباين وخلاف في الرأي حول مضمون العلاقات الدولية وطبيعتها ونطاقها.ومن خلال ما سبق فكل محاولة للتعريف بالحقل الدراسي للعلاقات الدولية، ورسم حدوده، يستلزم إثارة الملاحظات التالية:
أ-العلاقات الدولية عبارة عن حقل خصب يهتم بدراسة كل الأحداث والوقائع التي يعرفها المشهد الدولي، فهي جملة من التفاعلات سواء التعاونية (حالات السلم والتعاون والتبادل..)، أو الصراعية (النزاعات والحروب والفتن..). 
ب-العلاقات الدولية هي تعبير عن جل التفاعلات النامجة عن تحركات الفاعلين الدوليين، فصناعة التفاعلات في الساحة الدولية لم تعد مرتبطة بفاعل واحد، بل بالعديد من الفواعل المتباينة في نوعها وأهدافها (الدول،المنظمات الدولية،الشركات متعددة الجنسيات،جماعات وتنظيمات والأفراد). وعلى الرغم من الاعتقاد بأن العلاقات الدولية، بمفهومها وأغراضها، تسير نحو تجاوز معامل العلاقات السياسية بين الدول، فإن العديد من الباحثين يعترفون بأن الدولة ما زالت تعتبر حتى الآن المركز الرئيسي لكل تقرير أو حسم في الحياة الدولية. 
ت-شساعة الحقل الدراسي للعلاقات الدولية، ويتجلى ذلك في اتساعه لكل التفاعلات التي تحدث بين مختلف الفاعلين في السياسة الدولية، سواء كانت التفاعلات سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو دينية.
-------------------------------------------
لائحة المراجع:
-مبادئ العلاقات الدولية للأستاد كمال جاد الله.
-التاريخ السياسي للعلاقات الدولية للأستاذ ناصر الدين محمود.
تعليقات