أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

📁 آخر الأخبار

المراحل التمهيدية لإبرام البيع النهائي والبيوع التمهيدية

الفقرة الأولى: المراحل التمهيدية لإبرام البيع النهائي:

أولا:مرحلة المفاوضات بشأن البيع:

هي إجراءات تحضيرية تتجسد في تبادل رسائل المعلومات ووثائق بهدف تهيئة الطرفين حتى يتطابق إيجاب أحدهما بقبول الآخر. لذلك، يمكن لكل طرف أن يقطع هذه المفاوضات في أي وقت شاء دون أن يترتب عن هذا أي مسؤولية عقدية، غير أن ذلك لا يمنع من تحمله بالتعويض بناء على قواعد المسؤولية التقصيرية.

ثانيا:مرحلة التعاقد التمهيدي:

اختلفت صيغها إلا أنها تؤدي غالبا إلى إبرام البيع النهائي وتحقق فوائد للمتبايعين، ونذكرمن بينها على سبيل المثال في مجال بيع العقار  إعطاء المشتري الوقت الكافي للتحري والبحث عن الوضعية المادية والقانونية للعقار الذي ينوي شراءه، والتثبت من صحة مستندات ملكية البائع وتجميع مقدار الثمن، وتمكين البائع من الإحتفاظ لمدة معينة بملكية العقار كمن يكون يسكن بشقة فيستمر شاغلا لها في انتظار شرائه مسكنا آخر أو تهيئة بعض الوثائق الإدارية اللازمة لتمام البيع.

الفقرة الثانية:البيوع التمهيدية:

البيوع التمهيدية هي:الوعد بالبيع، والبيع المقترن بدفع عربون، والبيع الإبتدائي، والوعد بالتفضيل عند البيع  وهذه الأنواع من البيوع تندرج ضمن المراحل التمهيدية التي تسبق البيع النهائي ولكن خصصنا لها فقرة مستقلة وسنتحدث عن هذه البيوع على النحو التالي:

أولا: الوعد بالبيع:

1-تعريف الوعد بالبيع:

الوعد بالبيع هو عقد بمقتضاه يعد مالك الشيء ببيعه بثمن معين لشخص آخر يسمى الموعود له، إذا أبدى هذا الأخير رغبته في الشراء خلال أجل معين، فهو إذن أداة فعالة لتبسيط وتسهيل المعاملات والتشجيع عليها ورفع الشدة والتوتر عن الإلتزام.
حيث أنه أحيانًا ما يحصل أن الشخص يسعى للحصول على وعد بالبيع من آخر دون أن يلتزم هو بالشراء، مثلا مستأجر عقار الذي يسعى جاهدا إلى الحصول من مالكه على وعد بالبيع يمكنه من الموافقة على الشراء خلال مدة معينة إذا تأكد من سلامة هذا العقار من الوجهتين المادية والقانونية.

2-الأساس القانوني للوعد بالبيع:

بالرغم من أن المشرع المغربي لم ينظم بنصوص خاصة الوعد بالبيع، إلا أن هذه الوسيلة التعاقدية تجد أساسها في مقتضيات الفصلين 18 و 14، حيث ينص الفصل 14 من قانون الالتزامات والعقود على ما يلي: "مجرد الوعد لا ينشئ التزامًا".
وينص الفصل 18 على ما يلي: "الإلتزامات الصادرة من طرف واحد تلزم من صدرت منه بمجرد وصولها إلى علم الملتزم له". فهذا النص يعتبر أساس إقرار الإلتزامات الصادرة عن إرادة منفردة.

3-الطبيعة القانونية للوعد بالبيع:

اختلف الفقه بخصوص تحديد الطبيعة القانونية للوعد بالبيع، فهناك من يعتبره بمثابة إيجاب ملزم، حيث في نظر هذا الاتجاه يمكن أن يكون التعبير عن الإرادة إما انفراديا أو تبادليا، ففي الحالة الأولى يتعلق الأمر بوعد يكون التعبير معه ملزما من الوقت الذي يعلم به من وجه إليه، أما الحالة الثانية فيتعلق الأمر بالإتفاقات، لكن هذا الإتجاه تعرض للإنتقاد حيث أنه لا يمكن الإعتماد عليه نظرا لوجود فرق جوهري بين الوعد بالبيع والإيجاب بالبيع.
وهناك من يذهب إلى اعتبار أن الوعد بالبيع يعتبر عقدا متميزا عن البيع النهائي، حيث يعتبره البعض أنه أكثر من مجرد إيجاب ومن مشروع تعاقد لأنه يتكون أولا من وعد أحد الطرفين الآخر بأن يبيع له عينا معينة بثمن معلوم إذا قبل الآخر الشراء خلال مدة محددة، وثانيا من قبول الطرف الآخر.
وفي نظرنا، نوافق الرأي الذي يعتبر أن الوعد بالبيع اتفاقا يحدث حالة قانونية خاصة، يمكن تسميتها بعقد تمهيدي، لأنه لا ينقل إطلاقا ملكية الشيء أو الحق الموعود ببيعه.

4-الشروط الجوهرية لإنعقاد الوعد بالبيع:

يعتبر الوعد بالبيع كما أسلفنا أنه عقد يقوم على توافق إرادتي طرفيه، لذلك فهو يخضع من حيث الشروط للقواعد العامة الواردة في قانون الإلتزامات والعقود، ومن بينها الفصل 19 والفصل 488 من قانون الإلتزامات والعقود ووتجلى الشروط الجوهرية لإنعقاد الوعد بالبيع في ما يلي:
أ-الإتفاق على طبيعة الوعد:
يعتبر الوعد بالبيع هو عقدا، لذلك يلزم لإنشائه وجود إيجاب من الواعد وقبول من الموعود له، وأن يتطابق الإيجاب والقبول بشأن العناصر الأساسية للإلتزام، ويشترط في رضا طرفي الوعد بالبيع أن يكون صحيحا أي صادرا عن ذي أهلية وخاليا من عيوب الرضا.
وبخصوص اشتراط الأهلية، يتعين التمييز بين الواعد والموعود له، فالأول يشترط توفره على أهلية تصرف وقت إبرام الوعد، أما الثاني فيكفي أن يكون ذا أهلية تمييز وقت قبوله لهذا الوعد.
وبخصوص اشتراط الخلو من عيوب الرضا، يلاحظ أنه إذا كانت إرادة أحد طرفي الوعد بالبيع معيبة بعيب من عيوب الرضا كان العقد باطلا.
ب-الإتفاق على المبيع والثمن:
يتعين الإتفاق أيضا في الوعد بالبيع على المال الموعود ببيعه والثمن، وذلك بتعيينهما تعيينا نافيا للجهالة بالطرق المعتمدة في تعيين الثمن والمبيع.
ت-الإتفاق على مدة الوعد:
أي الإتفاق على الأجل الذي يمكن خلاله للموعود له الموافقة على الشراء، وبالتالي إبرام البيع بصفة نهائية، ويرى الفقه أن عدم تحديد المدة لا يجعل الوعد باطلا بطلانا مطلقا، بل يكون صحيحا حيث يعمل عند الخلاف بالمدة المعقولة التي يعود للقاضي أمر تقديرها.

5-آثار الوعد بالبيع:

يتعين التمييز بين مرحلتين أساسيتين وهما:
أ-المرحلة الأولى: ما قبل تعبير الموعود له عن إرادته بشأن الوعد:
وتتميز هذه المرحلة بالخصائص التالية:
1-استمرار الواعد كمالك للشيء أو الحق الموعود ببيعه للغير:
يستمر الواعد قبل موافقة الموعود له على الشراء خلال الأجل المحدد مالكا للشيء أو الحق الموعود ببيعه، ويترتب على هذا عدة نتائج وهي:
=يحق للواعد أن يتصرف في المال موضوع الوعد تصرفا لا يضر بحقوق الموعود له، كأن يرتب عليه حقوقا عينية لمدة مؤقتة تنتهي بإبرام البيع النهائي، أما إذا كان تصرف الواعد يتعارض مع حق الموعود له كأن يرتب عليها حقً من الحقوق العينية التي لا تنتهي بانعقاد البيع النهائي كحق انتفاع أو حق ارتفاق، تكون مثل هذه التصرفات نافذة في مواجهة الموعود له الذي يحق له المطالبة بالتعويض.
=تكون تبعية هلاك المال الموعود به على عاتق الواعد خلال مدة الوعد وقبل إبرام البيع النهائي.
=يتحمل الواعد كمالك لهذا المال مختلف الضرائب والتكاليف المترتبة عليه.
=يتملك الواعد مختلف ثمار وحاصلات الشيء الموعود ببيعه.
2-ثبوت حق شخصي للموعود له بالبيع:
خلال هذه المرحلة يرتب الوعد بالبيع الذي انعقد صحيحا مجرد حقوق شخصية، تتجلى في التزام الواعد بما وعد به طيلة المدة المتفق عليها، والتزامه هذا التزام بعمل لا بتحقيق نتيجة معينة، هي نقل ملكية المال الموعود به، وذلك لأن انتقال الملكية لا يحدث إلا بموجب البيع النهائي الذي ينعقد عند موافقته على الشراء خلال الأجل المحدد ويترتب على هذا عدة نتائج وهي:
=يمكن للموعود له المطالبة بتأمين حقه تأمينا شخصيا أو عينيا.
=يجوز له إجراء أعمال تحفظية حماية لحقه كتقييد الوعد ببيع عقار محفظ تقييدا احتياطيا.
=بإمكانه تفويت حقه الشخصي إلى الغير بمقابل أو بدونه.
ب-المرحلة الثانية: وهي مرحلة ما بعد تعبير الموعود له عن إرادته بشأن الوعد:
فإذا انعقد الوعد بالبيع صحيحا مستجمعا لكافة شروطه فإنه ينتج آثاره القانونية، حيث يحق للموعود له الإختيار بين رفض الشراء أو الموافقة عليه، فإذا رفض الموعود له الشراء سقط حقه وتحلل الواعد من وعده، أما إذا وافق على الشراء خلال الأجل المحدد موافقة صريحة أو ضمنية، ويعتبر إبداء هذه الرغبة إيجابا من الموعود له اقترن بالقبول الذي سبق صدوره من الواعد.
ويترتب على استعمال حق خيار الشراء خلال مدة الوعد قيام عقد البيع النهائي، حيث يصبح الواعد البائع ملزما بنقل وضمان ملكية المبيع، ويلتزم الموعود له المشتري بأداء الثمن المتفق عليه.

ثانيا: البيع المقترن بدفع عربون:

نظم المشرع المغربي العربون ضمن ثلاثة فصول من قانون الإلتزامات والعقود وهي الفصل 288 والفصل 289 والفصل 290، ويمكن تعريف العربون بأنه "قدر من النقود يكون رمزيا في العادة يقدمه أحد المتبايعين للآخر إما للتأكيد على حق كل منهما في العدول عن العقد، أو للتأكيد على نهائيته والشروع في تنفيذه.
وفي الغالب يتلازم دفع العربون من طرف المشتري من أجل إبرام عقد بيع نهائي.
وفيما يخص أحكام العربون فإن الفقه ميز فيها بين نظريتين:
الأولى:إذا نفذ البيع وجب خصم مبلغ العربون من الثمن، إذا كان من أعطاه هو المشتري.
الثانية:إذا لم ينفذ العقد وهنا نفرق بين حالتين: حالة عدم التنفيذ بتراضي العاقدين يرد معها العربون من أخذه، وحالة استحالة التنفيذ مثلًا كأن يدفع العربون من أجل شراء منزل إلا أن البائع يعمد لهدمه قبل إتمام الصفقة، هنا يكون للمتبايع الذي أخذ العربون أن يحتفظ به إلى أن تحكم المحكمة بالتعويض عن الضرر عند الاقتضاء.

ثالثا: البيع الإبتدائي:

هو عبارة عن عقد يعد فيه البائع بأنه يبيع المشتري عينا معينة بالذات لقاء مبلغ معين إذا أبدى المشتري رغبته في شراء هذا الشيء خلال مدة معينة، ومقابل هذا الالتزام التزام آخر على عاتق المشتري، حيث يعد البائع بشراء نفس الشيء بنفس الثمن خلال نفس المدة، إذن هو البيع الذي يتضمن في آن واحد وعدًا بالبيع ووعدًا بالشراء مع الاتفاق على المبيع والثمن وأجل إبرام البيع النهائي، ويتميز عن الوعد بالبيع الملزم لطرف واحد والذي يسقط إذا تنازل عنه صاحب الحق فيه، أو لم يبد رغبته في الاستفادة من هذا الوعد قبل انقضاء الأجل المحدد.
ويرتب البيع الإبتدائي آثارا تختلف باختلاف مرحلتين:
المرحلة الأولى:
وتمتد من وقت انعقاد البيع الابتدائي إلى غاية حلول الأجل المعين لإتمام البيع النهائي، وخلالها يرتب العقد الابتدائي مجرد حقوق شخصية تقابلها التزامات في الجانب الآخر، ومثال على هذا أن البيع الابتدائي لا ينقل الملكية للمشتري لأن ذلك من خصائص البيع النهائي، وكل ما يمكن أن للبيع الابتدائي أن يحققه هو نقل الحيازة للمشتري مع احتفاظ البائع بالملكية لحين تحول البيع الابتدائي لعقد نهائي.
المرحلة الثانية:
عند حلول ميعاد إبرام العقد النهائي يكون طرفا البيع الابتدائي أمام فرضيتين، الأولى أن ينفذ كل واحد منهما الالتزامات التي ارتضاها حيث ينشئ عندئذ البيع النهائي بأثر فوري من تاريخ إبرامه، والثانية أن يمتنع أحدهما عن تنفيذ التزاماته وفي هذه الحالة يحق للمتعاقد الآخر أن يطلب إتمام البيع تحت طائلة غرامة تهديدية.

رابعا:الوعد بالتفصيل عند البيع:

يعد الوعد بالتفضيل أحد الإتفاقات التمهيدية السابقة على إبرام عقد البيع بشكل نهائي ويعرف الوعد بالتفضيل حسب الأستاذ محمد شليح"بأنه ذلك العقد الذي بمقتضاه يلتزم أحد طرفيه بالإمتناع عن عرض عمل معين على الغير قبل عرضه على المتعاقد معه خلال أجل".
ومما ينبغي الإشارة إليه هو أن الفقه لم يتفق على مدلول واحد للوعد بالتفضيل ذلك أن هناك جانب مهم من الفقه يطبق من مدلوله، حيث يرى أن الوعد بالتفضيل ما هو إلا صورة من صور الوعد بالبيع، وفي مقابل هذا الإتجاه هناك جانب آخر من الفقه يوسع من مدلول الوعد بالتفضيل.
ويرى الأستاذ الشرقاوي عبد الرحمان بأن الوعد بالتفضيل هو اتفاق يتعهد  بمقتضاه أحد الطرفين، ويسمى الواعد إذا ما قرر مستقبلا إبرام عقد معين، تفضيل الطرف الآخر الذي يسمى المستفيد، على سائر الراغبين في التعاقد، ومن ثم فإن العقد المستقبل الموعود بالتفضيل لا يكون فقط مجرد عقد بيع، بل إنه يمكن أن يكون عقد آخر غير البيع كالإيجار أو المقايضة، وإن كانت غالبية التطبيقات تكون بصدد عقد البيع.
ومن تم يتميز الوعد بالتفضيل على الوعد بالبيع الملزم لجانب واحد، في كون مالك الشيء لا يعد الشخص الآخر ببيع حقه إذا رغب هذا في شرائه، وإنما يعده إنه إذا رغب في بيع حقه أن يعرضه أولا عليه، تفضيلا له على غيره، كما أن الوعد بالتفضيل لا يرتبط في العادة بمدة زمنية لممارسة الخيار الناشئ عنه. ناهيك أنه في الغالب لا يحدد الواعد في الوعد بالتفضيل الثمن الذي سيبيعه به مستقبلا.
والحق الشخصي المخول للموعود له يسمح له بالتصرف فيه بالحوالة إلا إذا تبين من بنود الوعد أو من قصد المتعاقدين أن هذا الحق الشخصي خاص بالمستفيدين دون غيره.
-----------------------------------
لائحة المراجع:
-قانون الإلتزامات والعقود.
-قانون العقود المسماة الكتاب الأول العقود الناقلة للملكية عقد البيع للأستاذ عبد الرحمان الشرقاوي.
-المختصر في بعض العقودالمسماة البيع والمقايضة والكراء للأستاذ محمد العروصي.
-مرشد الحيران الى الفهم المحمود بفك القيود عن نكت أحكام البيع المنضود في القانون المغربي للالتزامات والعقود للأستاذ محمد شيلح.

تعليقات